الفاعل
الفاعل:
اسم مرفوعٌ، يُسنَد إليه فعلٌ، أوشبهُه
نحو قولك: [سافر خالدٌ]؛ وقد يكون مصدراً
مؤوّلاً، نحو قولك: [سرّني أن تنجح = سرني
نجاحُك]. والأصل أن يتقدم الفاعل على
المفعول به، ولكن يجوز العكس. وسياق الكلام
يزيل اللبس.
¨
مطابقة الفعل للفاعل
تذكيراً وتأنيثاً:
- يُذكّر الفعل وجوباً إذا
كان فاعلُه مذكّراً.
مفرداً كان، أو
مثنى، أو
جمع مذكر سالماً
مثال ذلك:
[قصَفَ
الرعدُ - سقط الجداران - سافر المعلمون].
- يؤنّث الفعل وجوباً في
حالتين فقط:
الحالة الأولى: أن يكون فاعله
حقيقي التأنيث،
غير مفصول عنه، مفرداً كان، أو مثنى، أو جمعاً سالماً(2) نحو:
[سافرت
الطالبة - سافرت الطالبتان - سافرت الطالبات].
الحالة الثانية: أن يتقدّم عليه فاعلُه المؤنث،
مفرداً كان، أو مثنى، أو جمعاً:
مثال ذلك: [الشمس طلعت - زينب سافرت - الطالبتان سافرتا
وتسافران - الطالبات سافرت وسافرن وتسافر ويسافرن - والجِمال سارت وسرن وتسير ويسرن].
* *
*
نماذج فصيحة من استعمال الفاعل
·
]حتى
توارتْ بالحجاب[
(ص 38/32)
أي توارت الشمس، فـ [الشمس] هي
الفاعل، وإنما حُذِفت-وإنْ لم يسبق لها ذكر-لأن السياق دلّ عليها. وليس مثلُ هذا
الحذف مقصوراً على الفاعل، بل هو عامّ، حين يُعرف المحذوف ويَدلّ عليه دليل. وقد
أبَّد ذلك ابن مالك في بيتٍ خالد، إذ قال:
وحذفُ ما يُعلَمُ جائزٌ كما
تقول: [زيدٌ]، بعدَ [مَن عندكما]
ومِن هذا أيضاً، قول بشّار (الديوان
4/184):
إذا ما غضبْنا غضْبةً مضريَّةً هتكنا
حجاب الشمس أو تقطرَ الدما
أي: تقطر السيوف دماً، وقد حذف
[السيوف] وهي فاعل، إذ دلّ عليها السياق.
·
]ومن
الناس والدوابّ والأنعام مختلفٌ ألوانُه كذلك[
(فاطر 35/28)
من المقرر أن ما يشبه الفعل: كالصفة
المشبهة واسم الفعل واسم الفاعل... يَرفعُ فاعلاً، كما يَرفَع الفعلُ فاعلاً. فأما
ما يشبه الفعل هنا، فهو [مختلفٌ]
فإنه اسم فاعل مِن [اختلف]، وأما فاعله فهو: [ألوانُه].
·
]وإنْ
أحدٌ من المشركين استجارك فأَجِرْهُ حتى يسمع كلام الله[
(التوبة 9/6)
[أحدٌ]: فاعل مقدّم لفعل: [استجار] - في
مذهب الكوفة، إذ تجيز إعراب الفاعل فاعلاً، سواء أتقدم على فعله أم تأخر عنه - وأما
في مذهب البصرة، التي تمنع دخول أدوات الشرط على الأسماء وتمنع تقدم الفاعل على
فعله، فإنّ [أحدٌ] فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور، أي: [وإن استجارك أحدٌ
استجارك فأجره].
·
ومِن نحو هذا قولُ السموءل:
إذا سيّدٌ منّا خلا قام سيّدٌ
قؤولٌ لما قال الكرامُ فعولُ
وفيه أنّ [سيّدٌ] في مذهب الكوفة، يجوز أن
يُعرَب فاعلاً مقدّماً على فعله [خلا]، وفي مذهب البصرة أنه فاعل لفعل محذوف يفسّره
فعل [خلا] المذكور، أي: إذا خلا سيد منا خلا.
·
ومثل ذلك طِبقاً، قولُ تأبط شراً (الديوان /86):
إذا المرءُ لم يَحْتَلْ وقد جَدَّ جِدُّهُ
أضاع وقاسى أمرَهُ وهو مُدْبِرُ
فقد تقدّم الفاعل: [المرءُ]، على
فعله: [لم يَحْتَلْ]، فيجوز أن يُعرَب فاعلاً، عند الكوفيين. على حين هو - عند
البصريين - فاعل لفعل محذوف يفسّره فعل [لم يَحْتَلْ] المذكور، أي: إذا لم يحتل
المرء لم يحتل.
·
]فمن
جاءه موعظةٌ من ربه[
(البقرة 2/275)
لا مطابقة هنا في الآية، بين الفعل
وفاعلِه. فالفعل: [جاء] مذكر، وفاعله: [موعظةٌ] مؤنث. وذلك جائز، لأن المطابقة -
إذا كان الفاعل مؤنثاً - إنما تكون واجبةً في حالتين:
الأولى أن يتقدّم الفاعل المؤنث على فعله.
وهذا غير متحقّق في الآية. فـ [موعظة] فاعل مؤنث، ولكنه لم يتقدّم على فعله.
والثانية أن يكون الفاعل حقيقي التأنيث،
غير مفصول عن فعله. وهذا أيضاً لم يتحقق في الآية. فـ [موعظة] مؤنث غير حقيقي.
فضلاً عن أنه مفصول عن فعله بالهاء. ولو لم يكن الكلام قرآناً لجاز أيضاً أن يقال:
[فمن جاءته موعظةٌ من ربه].
·
]وأخذ
الذين ظلموا
الصيحةُ[
(هود 11/67)
الشأن في الآية هنا، كالشأن في الآية
السابقة، فالفعل: [أخذ] مذكر، وفاعله: [الصيحةُ] مؤنث. فلا مطابقة إذاً بينهما،
وذلك جائز، لأنّ المطابقة إنما تكون واجبةً في حالتين هما: أن يتقدّم الفاعل المؤنث
على فعله، أو أن يكون حقيقي التأنيث، غير مفصول عن فعله. والآيةلم يتحقق فيها أيّ
منهما، فجاز التذكير والتأنيث. ودليل ذلك وبرهانه، قولُه تعالى من السورة نفسها:
]وأخذت
الذين ظلموا
الصيحةُ[
(هود11/94) فقد وَرَدَ الفعل هنا مؤنثاً، إذ لم يتحقق أيّ من شرطَي الوجوب
المذكورين آنفاً.
·
]إذا
جاءك المؤمنات يبايعنك[
(الممتحنة 60/12)
[جاء]: فعل مذكر، و [المؤمنات]: فاعلٌ
مؤنث، حقيقي التأنيث، ولم يتطابقا. لأنّ المطابقة لا تكون واجبة، إلا في الحالتين
اللتين ذكرناهما آنفاً، وهما: أن يتقدّم الفاعل المؤنث على فعله، أو يكون حقيقي
التأنيث، غير مفصول عن فعله. والآية لم يتحقق فيها أيّ منهما، فالفاعل لم يتقدّم
على فعله، ثمّ إنه - وإن تأخّر عن الفعل وكان حقيقي التأنيث - قد فصل بينهما فاصل
هو كاف الضمير في [جاءك]. وعلى ذلك جاز التذكير والتأنيث. ولولم يكن الكلام قرآناً،
لجاز أن يقال أيضاً: [إذا جاءتك المؤمنات].
·
قال الشاعر:
إنّ امرأً غرَّهُ منكنَّ واحدةٌ بَعْدي
وبعدكِ في الدنيا لَمَغْرورُ
[واحدة] (أي امرأة واحدة)، فاعلٌ حقيقي التأنيث، لكنْ فُصِل بينه وبين فعله بهاء
الضمير، فضلاً على الجارّ والمجرور: [منكنّ]، فكانت المطابقة غير واجبة، وجاز
التأنيث والتذكير. ولولا أن ينكسر الوزن لجاز أن يقول الشاعر أيضاً: [غرته منكن
واحدة].
·
]آمنتْ
به بنو إسرائيل[
(يونس 10/90)
من المقرّر أنّ الفعل يُذكَّر وجوباً
في حالة واحدة فقط. هي أن يكون الفاعل مذكراً، مفرداً كان أو مثنى، أو جمع مذكر
سالماً - تحديداً دون غيره من الجموع - ولما كان الفاعل في الآية وهو: [بنو]
ملحقاً بالمذكر السالم، وليس مذكراً سالماً، انتفى وجوب التذكير، وجاز
الوجهان: التذكير والتأنيث. ولو لم يكن الكلام قرآناً، لجاز أن يقال أيضاً: [آمن به
بنو إسرائيل].
·
قال النابغة الذبياني (الديوان /82):
قالت بنو
عامرٍ: خالُوا بني أسدٍ يا بؤسَ
لِلجَهلِ ضرّاراً لأقوامِ
(خالوا بني أسدٍ: أي اقطعوا حلفهم).
تقدّم في الآية آنفاً: أنّ الفعل يُذكَّر
وجوباً في حالة واحدة فقط. هي أن يكون الفاعل مذكراً، مفرداً كان أو مثنى، أو
جمع مذكر سالماً -
تحديداً دون غيره من الجموع - ولما كان الفاعل في البيت، وهو: [بنو]،
ملحقاً بالمذكر السالم، وليس مذكراً سالماً، انتفى وجوب التذكير، وجاز
الوجهان: التذكير والتأنيث. وعلى ذلك جاز في البيت، [قالت بنو عامر]، ويجوز
للشاعر - لو أراد - أن يقول: [قال بنو عامر].
·
قال عَبْدَة بن الطبيب:
فبكى بناتي
شجوهنّ وزوجتي والظاعنون إليَّ ثمّ تصدّعوا
لا مطابقة في البيت، بين الفعل وفاعله،
فالفعل: [بكى] مذكر، وفاعله: [بناتي] مؤنث.
ولقد جاز ذلك، لأن المطابقة إنما تجب في
حالتين إحداهما: أن يكون الفاعل حقيقي التأنيث، غير مفصول عن فعله، مفرداً كان أو
مثنى أو جمع مؤنث سالماً.
ولما كان الفاعل: [بناتي] ليس جمع مؤنث سالماً انتفى وجوب التأنيث وجاز الوجهان:
التأنيث والتذكير. ولو قال الشاعر: [بكت بناتي] لجاز ذلك.
·
]كذّبتْ
قومُ
نوحٍ المرسلين[
(الشعراء 26/105)
لا مطابقة في الآية، فالفعل مؤنث: [كذبت]،
والفاعل مذكر: [قوم]. وقد جاز ذلك لأن وجوب التذكير لم يتحقق شرطه، وهو: أن
يكون الفاعل مذكراً، مفرداً كان أو مثنى أو جمع مذكر سالماً - تحديداً دون
غيره من الجموع - ولما كان الفاعل: [قوم] ليس جمع مذكر سالماً - وإنْ دلّ
على كثير - انتفى وجوب التذكير، وجاز الوجهان: التأنيث والتذكير. ومنه أنْ جاء
التذكير في قوله تعالى:
]وكَذّب
به قومُك وهو الحقّ[
(الأنعام 6/66)
·
]إذ
قالت امرأة عمران[
(آل عمران 3/35)
الفعل في الآية مؤنث: [قالت]، وفاعله
أيضاً مؤنثٌ: [امرأة]، فالمطابقة إذاً متحققة، وهي مطابقة واجبة قولاً واحداً. وذلك
أنّ الفاعل متى كان اسماً حقيقي التأنيث غير مفصول عن فعله، كان تأنيث فعله واجباً.
ولقد تحقق ذلك في الآية: فـ [امرأة] فاعل حقيقي التأنيث، لا يفصله فاصل عن
فعله: [قالت]، ومن هنا كانت المطابقة واجبة.
* *
*
|